التربيه الجنسيه
و الذين هم لفروجهم حافظون , إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فأنهم غير ملومين , فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " –سورة المعارج : آية 29,31-
صدق الله العلي العظيم
تعريف التربية الجنسية :
التربية الجنسية هي ذلك النوع من التربية التي تمد الفرد بالمعلومات العلمية و الخبرات الصالحة و الاتجاهات السليمة إزاء المسائل الجنسية , بقدر ما يسمح به نموه الجسمي و الفسيولوجي و العقلي و الانفعالي و الاجتماعي و في إطار التعاليم الدينية و المعايير الاجتماعية و القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع , بما يؤهله لحسن التوافق في المواقف الجنسية و مواجهة مشكلاته الجنسية في الحاضر و المستقل مواجهة واقعية تؤدي إلى الصحة النفسية .
لماذا التربية الجنسية ؟
النمو الجنسي موضوع هام في كل مراحل النمو , و السلوك الجنسي مشكلة هامة في الطفولة بصفة عامة و المراهقة بصفة خاصة , حيث يبلغ النشاط الجنسي أعلى قمة , و يحس المراهق – و قد زادت الدوافع و تعاظمت الموانع – بالبلبلة و التناقض بين ما يسمع و يرى بخصوص الجنس و السلوك الجنسي , ويبرز عدد من التساؤلات : هل الجنس خير أم شر , مقدس أم مدنس يؤدي إلى السعادة أم إلى الشفاء ...... الخ ؟؟!
و تفرض التعاليم الدينية و المعايير الاجتماعية و القيم الأخلاقية قيودا على النشاط الجنسي للشباب بما يحقق مصلحة الفرد و الجماعة و رغم هذا يبدو أن المجتمع لم ينجح تماما في محاولاته لان يفرض منعا تاما على النشاط الجنسي للمراهقين , إذ يبحث الشباب عن مخارج للطاقة الجنسية في صور مختلفة .
و قد تؤثر المشكلات الجنسية على شخصية المراهق فتتدخل في نشاطه العقلي و الاجتماعي و الانفعالي , و كثيرا ما يأتي فرد إلى العيادة النفسية و ليس ما يعاني منه اضطراب سلوكي سوى نتيجة لجهله بالأمور و المسائل و الحقائق الجنسية البسيطة .
و من الطبيعي أن يهتم الفرد بالمسائل الجنسية في كل مراحل نموه و إلا أن الكبار يشعرون بالحرج يشعرون بالحرج و الخجل و الضيق حين يسألهم الصغار عن الأمور الجنسية .
و من الأفكار الخاطئة الشائعة عند بعض الوالدين و المربين ما يلي :
1- أن التربية الجنسية تزيد فضول الأطفال و المراهقين و تزيد من اهتمامهم بالأمور الجنسية .
2- أن التربية الجنسية تؤدي إلى التجريب و الإفراط في السلوك الجنسي المتحرر من المسئولية .
و من المسلم به انه إذا أحيط النمو الجنسي بغلاف من التحريم و التكتم و التمويه , وإذا أغمض الوالدان و المربون أعينهم و أصموا آذانهم و كمموا أفواههم و لم يقوموا بواجبهم في التربية الجنسية لأولادهم – كجزء من عملية التربية بصفة عامة – بحث هؤلاء الأطفال و المراهقون عن مصادر أخرى لإشباع حاجتهم إلى المعرفة في هذا الشأن , و ربما اتجهوا إلى أدعياء المعرفة من غير أهل العلم و الثقة و الأخلاق و الضمير , و ربما تطوع هؤلاء بهذه المعلومات في غير أوانها و وربما اتجهوا إلى الأفلام الجنسية و الصور الجنسية و الكتب المثيرة , و النتيجة المؤسفة هي المعلومات الخاطئة و الوقوع في التجريب او الخبرات الحقيقة و الشعور بالاشمئزاز و الإثم والخطيئة و الخوف و القلق و الاستغراق في أحلام اليقظة و الانحراف الجنسي و الاضطراب النفسي.
و نحن نعلم إن الأطفال و المراهقين لا يظلون على جهل تام بالأمور الجنسية فنادرا ما يتزوج فتى و فتاة دون أن يعرفا شيئا من هذه الأمور , إلا أننا لا نعرف متى حصلت هذه المعرفة و أين أتى بها و مدى صحة ما يعرف منها , و لو فرضنا جدلا أن الطفل ظل جاهلا بالمسائل الجنسية , فان الأحاسيس الجنسية حين تتدفق مع المراهقة فجأة و بعنف قد تزعجه و تخيفه , و قد يترتب على ذلك الانحراف أو الشقاء الزوجي و الأمراض النفسية .
من كل هذا نلمس مدى الحاجة إلى التربية الجنسية , فموضوع التربية الجنسية يهم ولاة الأمور من حيث التربية الجنسية السليمة , و تنظيم النسل , و اداب العلاقات الجنسية و معاييرها و قوانينها , وموضوع التربية الجنسية أيضا يهم المربين الذين طالما يسألهم التلاميذ عن موضوعات الجنس , و الموضوع يهم المراهقين الذين تم بلوغهم الجنسي و يميلون للجنس الآخر و لا يعلمون ماذا يفعلون , و الموضوع ليس مهما للكبار فقط بل هو كذلك يهم الأطفال الذين يريدون معرفة الكثير عن أعضاء التناسل و الفروق بين الذكر و الأنثى و تعلم دورهم الجنسي المناسب .... الخ ..
أهداف التربية الجنسية :
لهذا فنحن في حاجة إلى برامج علمية مدروسة و مخططة للتربية الجنسية تهدف إلى تحقيق ما يلي :
1 - تزويد الفرد بالمعلومات الصحيحة اللازمة عن ماهية النشاط الجنسي .
2 - تعليمه الألفاظ العلمية المتصلة بأعضاء التناسل و السلوك الجنسي .
3 - إكسابه التعاليم الدينية و المعايير الاجتماعية و القيم الأخلاقية الخاصة بالسلوك الجنسي .
4 - تشجيعه على تنمية الضوابط الإرادية لدوافعه و رغباته الغريزية و شعوره بالمسئولية الفردية و الاجتماعية و تنمية الوعي و الثقافة العلمية و معرفة خطورة الحرية الجنسية علة الفرد و على المجتمع .
5 - وقايته من أخطاء التجارب الجنسية غير المسئولة التي يحاول فيها استكشاف المجهول أو المحظور بدافع إلحاح الرغبة الجنسية المتأججة و المكبوتة لديه .
6 - تكوين اتجاهات سليمة نحو الأمور الجنسية و النمو الجنسي و التكاثر و الحياة الاسرية تتمشى مع العلاقات الانسانية المحمودة و مبادىء نمو الشخصية .
7 - ضمان إقامة علاقة سليمة بين الجنسين قائمة على فهم دقيق و اتجاهات صحية مع تقدير كامل للمسئولية الشخصية و الاجتماعية للسلوك الجنسي .
8 - تصحيح ما قد يكون هناك من معلومات و أفكار و اتجاهات خاطئة مشوهة نحو بعض أنماط السلوك الجنسي الشائع .
9- تنمية الضمير الحي فيما يتعلق باي سلوك جنسي يقوم به الفرد بحيث لا يقوم الا بما يشعره باحترامه لذاته , و يظل راضيا عنه في المستقبل , و لا يضر أحدا , و يتمشى مع التعاليم الدينية و المعايير و القيم الأخلاقية و برضى هذا السلوك عن نفسه .
من يقوم بالتربية الجنسية :
هناك دراسات تدور حول ما اذا كان من الأفضل أن تترك مسئولية التربية الجنسية على عاتق المدرسة او تترك كلية على عاتق الوالدين .
الواقع ان التربية الجنسية عملية يجب أن يتعاون فيها كل من :
- الوالدان : إذا توافرت النية و صدق العزم و اتسع الوقت و توفرت المعلومات العلمية , و وجهت اليهم عناية خاصة بقصد إعدادهم للقيام بدورهم في التربية الجنسية .
- المربون : أو الرواد أو الأخصائيون الاجتماعيون في المدرسة .
- علماء النفس : خاصة المرشدون و المعالجون النفسيون , و هؤلاء عليهم رسالة مزدوجة وقائية و علاجية , مع الاطفال و المراهقين و الازواج و على المرشد النفسي بشكل خاص القيام بدور فعال في التربية الجنسية .
- الاطباء : في عملهم العلاجي و بعض المحاضرات .
- رجال الدين : في الوعظ و الإرشاد الديني .
و في المدارس بالذات يمكن دعوة بعض المتخصصين من علماء النفس و الأطباء و رجال الدين و غيرهم لإلقاء المحاضرات و حضور ندوات و مناقشات حيث يتناول كل منهم الموضوع من زاوية , و يحسن في هذه الحالات أن تقدم الأسئلة و الاستشارات مكتوبة , و هذا يقلل من الإحراج الذي يشعر به البعض .
وهناك عدة صفات يجب ان تتوافر فيمن يقوم بالتربية الجنسية هي :
-الإلمام بخصائص النمو في جميع مراحله و الحقائق العلمية الخاصة بالتناسل و الحمل و الولادة .......... الخ .
-فهم مشكلات المراهقة و القدرة على المساعدة في حلها .
متابعة الدراسات الخاصة بالموضوع .
-الالتزام بالاتجاه العلمي الخاص الهادىء عند الاستماع الى التساؤلات و عند الاجابة عنها .
-حسن اختيار الألفاظ و البعد عن الألفاظ العامية .
-الاستفادة من الوسائل المعينة المناسبة .
-ان يكون شعاره " التوجيه الرشيد و التعبير السديد " .
-اتساع الأفق و رحابة الصدر و طول البال و الحكمة .
-المرونة و الخلو من التزمت و الآراء و الاتجاهات الجامدة .
-التوافق الجنسي , وان يكون قد تغلب على مشكلاته الجنسية بنجاح .
-ان يكون قدوة حسن للناشئين .
و هنا يجب ان نشير الى ضرورة التربية الجنسية للوالدين و المربين , فنحن نعرف ان فاقد الشيء لا يعطيه , و لذلك فمن أول الواجبات ان يشترك الوالدان و المعلمون في حلقات دراسية جماعية يستمعون فيها الى محاضرات و أحاديث المختصين و يناقشون و يتبادلون الآراء و الخبرة مما يؤهلهم للقيام بمهمتهم .
متى تبدأ التربية الجنسية :
يجب أن تكون التربية الجنسية عملية مستمرة , و لا تقتصر على سن معينة , بل تبدأ من الطفولة ثم تستمر خلالها و في مرحلة المراهقة حتى الراشد , و قبل الزواج و أثناءه و بعده .
أين تقدم التربية الجنسية ؟
يجب ان تقدم التربية الجنسية في المنزل و في المدرسة و في الجامعة و في دور العبادة و في مؤسسات تنظيم الاسرة , بحيث تتكامل هذه الجهات , فمثلا يجب ان تسد المدرسة الثغرات التي تتبقى من التربية الجنسية في المنزل .
كيف تقدم التربية الجنسية ؟
هناك عدة أسئلة فرعية حول كيفية تقديم المعلومات الجنسية , و اهم هذه الاسئلة ما يلي : هل يكون التوجيه فرديا ام جماعيا ؟
يرى البعض الاقتصار على التوجيه الفردي لان التوجيه الجماعي يسبب بعض المشكلات النفسية حيث توجد فروق فردية في مستوى النضج , و لكن يتجه اغلب الراي نحو التوجيه الجماعي مع إعطاء الفرصة للاستيضاحات و المناقشات الفردية لمن يريد , و في التوجيه الجماعي ميزة التغلب على الخجل و اخذ المسالة مأخذا علميا صريحا و يجب الا تفرض المعلومات و الحقائق الجنسية على التلاميذ بل تقدم استجابة لأسئلتهم .
هل تناقش موضوعات التربية الجنسية في جماعات مختلفة ؟
يلجأ البعض الى مناقشة موضوعات التربية الجنسية في جماعات مختلفة في بعض أجزاء البرنامج و إن كان البعض يرى انه يحسن فصل البنين عن البنات في بعض أجزاء البرامج الخاصة .
كيف تجيب عن الأسئلة و الاستفسارات ؟
ينبغي ان تكون الإجابة على قدر السؤال و بألفاظ تتناسب مع مرحلة نمو الفرد و قدرته على الفهم و الالتزام بالأمانة و الصراحة و الصدق و البساطة و الدقة العلمية . و من الضروري الالتزام بالموضوعية و الهدوء الانفعالي , ويجب ان تكون الإجابات واعية وافية
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر و احصن للفرج , ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء